عبرت ذات مساء غائم الدرب الرابط بين صبيا وبيش بعد يوم دراسي حافل حصيلته: طابور، وسبع حصص كاملة منها خمس في التخصص واثنتين كانتظار، وفسحتان للفطور والصلاة كإشراف يومي،ويضاف لهذا كله نماذج تهد الحيل، وترفع منسوب(الأدريالين)، وتثير العواصف والزوابع،وتسبب التهاب الدرقية والحدقية، وتخترق طبقة المخزون البشري لدى المعلم (الإنسان)، من قبل سعادة الأبناء الطلاب،وتوقفت بجوار الخط بعد دخولي الإيقونة بيش الخضراء،لأمتع نظري بما سر من اخضرار، ومددت بصري إلى محل بالجوار يقف فيه أحد العمالة على رأس(جمل) مهزول الجسد، منتوف الذيل، منهوك الحيل ،معصوب العينين، ويدفعه للدوران فإن تثاقل كوى جلده بوابل من لسع الخيزران دون حسيب أو رقيب، أو حماية من هيئة حقوق الحيوان أو الحياة الفطرية أو (رفق) أو(فطن) أو( فيناخير)،ومباشرة ربط خيالي بيني ك(معلم أو معلمة) وبين هذا المنظر،فالجمل المشار إليه سلفت أوصافه،وحاله مع سيده الذي يكتفي كل مساء بحساب غلته من المال،وملء قواويره بالزيت،ينثرقليلا من تالف الأعلاف مع بضع حبيبات شعير متأكسد أمام جمله الصبور والذي قد يحول التعب بينه وبين الأكل والشراب، فيما يقلب صاحبه قنوات تلفازه بين محطات العالم، ويفترش الوثير،ويجمع الوفير،ثم ينام شاخرا عن شواردها،وجمله يسهر جراها ويختصم،وهكذا يدور الجمل، ولا سبيل له إلى العلاج أو الراحة حتى يلج في سم الخياط فيأتيه الجنون أو المنون!!

أما أنا(المعلم أو المعلمة)فأباشر عملي كل صباح وإلى الواحدة والثانية ظهرا، نصلح زرار هذا،وأمسح دمعة ذاك،ننصح نوضح نشرح نوجه نعلم ونلف سبع ساعات صعودا وهبوطا طولا وعرضا،نسمع السب ونرى الشتم،ونمارس ضبط النفس،ونتعرض للإهانة وربما الطعن أو الضرب والذي قد يصل معنويا وفي أحايين كثيرة إلى نياط قلوبنا فنصاب معشر المعلمين والمعلمات بالضغط والسكري،والاكتئاب والإحباط والهلوسة والإعياء والدين والعين، فنمشى على غيرهدى،ونتعرض للأذى،(البنوك) ترتهننا،والمستشفيات تنهشنا،والمجتمع يمتهننا، و(المسؤولون)ينبذون لنا التعاميم والتوجيهات والطرق الشرقية والغربية
يكبحون جماحنا،ويشمعون أفواهنا ويقيدون أيادينا،ويشدون وثاقنا، بل ويسيرون اللجان لحساب مسافات دوامنا، ومعرفة كم المدارس في محيطنا أو المصالح التي لا تمت لراحتنا بصلة؟

ويقيمون مانستحقه بعرقنا على مقدارالمصلحة المجاورة لنا ويتناسون أنها لا تدخل لنا حصة، ولاتنبس ببنت شفة ولا ننال منها إلا بمقابل، فأين العدل والإنصاف من هذا الإجحاف؟!

أنا المعلم (الجمل) أقر وبقوائمي الأربع أنني جمل (معصارة) هذا العصر،أحضر وأحضر حصص تخصصي،وأشغل نصاب زميلي الغائب، وأشرف وأمارس مختلف الأنشطة،وأتعرض للتوبيخ والمحاضر والحسم،لا (نقابة)تحميني،ولا راعيا يراعيني،أتحمل مرضي وعرضي وغرضي،راحتي عيب وعملي الإضافي غيب،وانتظر ياصهيب حتى يكسوك الشيب!!،وإن حان التقاعد فراتب شهرين يكفي لشراء بردعة لحمارين!!،واشربيها سااادة يادااادة!!.

أيها المسؤول عني: خف ربك في شخصي.فامنحني حقي مالا،وارعني صحة،واكفني حاجة، وأنقص من نصابي وزد من راحتي قليلا،فوالله إن (ثمان عشرة أوست عشرة)حصة في حقي أسبوعيا كفيلة بهد حيلي وحفر قبري ونفاذ صبري،ولا تقارني بالشرق

والغرب فهم أناس لا روابط تحكمهم، عبدة دنيا لا وشائج تلزمهم،ولا أواصر قربى تجمعهم،همهم البطن والفراش والمزاج و(….)وهذه أمور يجدونها معلمين وطلابا على قارعة الطريق،وتدور بينهم دوران الشريط،أما نحن فلا حول لنا ولا قوة إلا بالله.